بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله أولاً وآخراً، والصلاة والسلام على من جاء بالصدق وصدّق به ظاهراً وباطناً، وعلى آله وصحبه إلى يوم الدين، أمّا بعد:
ما أسرع مرور الأيام، وما أشدّ تعاقب الملوان (الملوان: الليل والنهار)، وما أجرأ الليالي على هدم أعمارنا وانتقاص آجالنا.
بالأمس القريب ودعنا شهر رمضان الذي مضى وكأنّه حلم جميل ما أتى إلاّ وقد آذن بانصرام.. ثم مضى بعده موسم الحج وكأنّه طيف خيال أو عابر سبيل مرَّ مرور الكرام وانصرف.
واليوم نحن في وداع عامٍ كامل من أعمارنا وفي استقبال عام جديد.. سنة كاملة من عمر الإنسان قد تهيأت للرحيل.. ماذا أدينا فيها من أعمال؟!
وماذا قدَّمنا من طاعات؟ وماذا اكتسبنا فيها من أجور وحسنا؟
كم آية من القرآن قرأنا؟
وكم صلاة ركعنا فيها وسجدنا؟
وكم درهم أو دينار أنفقنا وتصدقنا؟
وكم من الأيام صُمنا؟
وكم من المعروف بذلنا؟
كم يتيم مسحنا دمعته؟
وكم مسكين فرَّجنا عنه كربته؟
وكم بائيسٍ فقير سددنا خلّته وقضينا حاجته؟
وكم مجاهدٍ دعونا له ونصرناه؟
وكم آمر بالمعروف ناهٍ عن المنكر شددنا أزره وباركنا خطاه؟
كم معصية ركبنا؟
وكم نظرة خائنة نظرنا؟
وكم رجل أو امرأة اغتبنا؟
وكم من حدود الله انتهكنا؟
وكم من ضعيف ظلمنا؟
وكم من فقير أو مسكين أو يتيم أهملنا؟
وكم من الساعات والأيام غفلنا؟
سنة كاملة أُودع فيها في صحائف الحسنات ما شاء الله أن يُودع.. وسُوّد فيها في صحائف السيئات ما شاء الله أن يُسوّد.. فيا ليت شعري من منَّا المقبولُ فنهنِّيه.. ومن منّا المطرود فنعزّيه..
ووجدوا ما عملوا حاضراً
ولئن كنا قد نسينا ما فعلنا من الحسنات والسيئات.. فإنّ ذلك محفوظ في كتاب قد أحصاه الملكان.. وسطره الكرام الكاتبون.. قال تعالى: {مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ} [ق: 18] أي ما يتكلم ابن آدم بكلمة إلاّ ولها مَنْ يرقبها، مُعَدٌّ لذلك، يكتبها، ولا يترك كلمة ولا حركة، كما قال تعالى: {وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحَافِظِينَ (10) كِرَاماً كَاتِبِينَ (11) يَعْلَمُونَ مَا تَفْعَلُونَ} [الانفطار : 10-12].
وفي يوم القيامة يرى كلّ إنسان عمله ماثلاً أمام عينيه فيعتريه الخوف والهلع، ويُنجّي الله تعالى أهل الإيمان برحمته بعد أن أطاعوه واتبعوا رسوله صلى الله عليه وسلم وعملوا بطاعته واجتنبوا معصيته، ويهلك الكافرين بسبب أعمالهم الخبيثة وأفعالهم الفضيعة كما قال تعالى : {وَتَرَى كُلَّ أُمَّةٍ جَاثِيَةً كُلُّ أُمَّةٍ تُدْعَى إِلَى كِتَابِهَا الْيَوْمَ تُجْزَوْنَ مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (28) هَذَا كِتَابُنَا يَنْطِقُ عَلَيْكُمْ بِالْحَقِّ إِنَّا كُنَّا نَسْتَنْسِخُ مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (29) فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَيُدْخِلُهُمْ رَبُّهُمْ فِي رَحْمَتِهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْمُبِينُ (30) وَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا أَفَلَمْ تَكُنْ آيَاتِي تُتْلَى عَلَيْكُمْ فَاسْتَكْبَرْتُمْ وَكُنْتُمْ قَوْماً مُجْرِمِينَ (31) وَإِذَا قِيلَ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَالسَّاعَةُ لا رَيْبَ فِيهَا قُلْتُمْ مَا نَدْرِي مَا السَّاعَةُ إِنْ نَظُنُّ إِلَّا ظَنَّاً وَمَا نَحْنُ بِمُسْتَيْقِنِينَ (32) وَبَدَا لَهُمْ سَيِّئَاتُ مَا عَمِلُوا وَحَاقَ بِهِمْ مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ (33) وَقِيلَ الْيَوْمَ نَنْسَاكُمْ كَمَا نَسِيتُمْ لِقَاءَ يَوْمِكُمْ هَذَا وَمَأْوَاكُمُ النَّارُ وَمَا لَكُمْ مِنْ نَاصِرِينَ} [الجاثية: 28-34].
وفي هذا اليوم يقف العصاة مذهولين مبهورين ويقولن: {يَا وَيْلَتَنَا مَالِ هَذَا الْكِتَابِ لا يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلا كَبِيرَةً إِلَّا أَحْصَاهَا وَوَجَدُوا مَا عَمِلُوا حَاضِراً وَلا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَداً} [الكهف: 49].
بادر قبل أن يُبادر بك
فيا أخي الحبيب! هل أعددت لهذا اليوم عُدَّته؟ وهل سعيت فيما ينجيك من هوله وكربته؟
وهل حاسبت نفسك على ما بدر منك من أقوال وأعمال؟
وهل اجتهدت في طاعة مولاك ذي الجلال والإكرام؟
أم أنّك في غفلتك سادر.. وفي طريق الغيِّ سائر؟
أَفِقْ أخي قبل أن يحين موعدك فتقول: {رَبِّ ارْجِعُونِ (99) لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحاً فِيمَا تَرَكْتُ} فيقال لك {كَلَّا إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا وَمِنْ وَرَائِهِمْ بَرْزَخٌ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ (100)} [المؤمنون: 99-100].
وانظر أخي إلى الصالحين.. كيف كانوا يعملون؟ كيف كانوا يقولون؟ كيف كانوا يفعلون؟ واحكم على نفسك من خلالهم.. وقل لي: هل عملك ينجيك غداً من عذاب السعير؟ أم أنّك من الذين أساءوا العمل وأخطأوا المسير؟ أم من الذين خلطوا عملاً صالحاً وآخر سيئاً؟ واجه نفسك بهذه الحقيقة ولا تعتمد على رجاء كاذب أو أماني باطلة..
واعلم بأنّ الصالحين قبلك مع ما كانوا عليه من عبادة وطاعة وإحسان عمل، كانوا لا يثقون بأعمالهم، ويخافون من الردّ وعدم القبول..
فهذا نبينا محمد صلى الله عليه وسلم سيد الأولين والآخرين، الذين رفع الله ذكره.. وغفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر.. وبشَّره بالمنزلة العظيمة والمقام الرفيع الذي لا أعظم منه ولا أرفع يوم القيامة.
كان يقوم من الليل حتى تتفطّر قدماه، فلما قيل له: تفعل ذلك وقد غفر لك ربك ما تقدم من ذنبك وما تأخر قال: «أفلا أكون عبداً شكوراً؟». وكان صلى الله عليه وسلم يستغفر الله ويتوب إليه في اليوم الواحد أكثر من مائة مرة..
وهل كان صلى الله عليه وسلم يعصي ربه حتى يستغفره ويتوب إليه في اليوم مائة مرة؟
كلا والله ما كان إلاّ طائعاً، ولكنها المحاسبة الدائمة للنفس، والمراقبة التامة لخطراتها، والتواضع الجم باستغفاره والتوبة إليه وعدم الركون إلى مقام النبوة الرفيع.. قال صلى الله عليه وسلم: «لن يدخل أحد الجنة بعمله». قالوا: ولا أنت يا رسول الله ؟! قال: «ولا أنا إلاّ أن يتغمدني الله برحمة منه وفضل».
فيا أخي الحبيب! إذا كان هذا حال سيد المرسلين فكيف يكون حالي وحالك؟ كيف نفرح ولا ندري ما مصيرنا؟ وكيف نلعب ولا ندري ما مآلنا؟ وكيف نمزح ولا ندري أمن أهل الجنة نحن أم من أهل النار؟ قال تعالى: {وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ فَلا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئاً وَإِنْ كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنَا بِهَا وَكَفَى بِنَا حَاسِبِينَ} [الأنبياء: 47].
وقال تعالى: {يوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ مَا عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُحْضَراً وَمَا عَمِلَتْ مِنْ سُوءٍ تَوَدُّ لَوْ أَنَّ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ أَمَداً بَعِيداً وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ وَاللَّهُ رَؤُوفٌ بِالْعِبَادِ} [آل عمران: 30].
وقال تعالى: {يَوْمَ يَبْعَثُهُمُ اللَّهُ جَمِيعاً فَيُنَبِّئُهُمْ بِمَا عَمِلُوا أَحْصَاهُ اللَّهُ وَنَسُوهُ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ} [المجادلة: 6].
فيحكم الله بين عباده ويحاسبهم على أعمالهم جميعاً، ولا يترك من ذلك شيئاً ولو كان صغيراً، ولا يظلم أحداً من خلقه، بل يعفو ويصفح، ويغفر ويرحم، ويعذّب من يشاء بقدرته وحمته وعدله، ويملأ النار من الكفار وأصحاب المعاصي، ثم ينجي أصحاب المعاصي من المؤمنين فيخرجهم من النار بعد أن يعذَّبوا فيها ما شاء الله، ويخلّد فيها الكافرين، وهو الحاكم الذي لا يجور ولا يظلم..
ثم لتُسألنَّ يومئذ عن النعيم
ولعظيم يوم الجزاء أمر الله عباده بمحاسبة أنفسهم والاستعداد لما أمامهم حتى لا يفجأهم الموت وهم على حالهم من الغفلة والإهمال، فقال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ} [الحشر: 18].
قال الإمام ابن كثير رحمه الله: "أي حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا، وانظروا ماذا ادخرتم لأنفسكم من الأعمال الصالحة ليوم معادكم وعرضكم على ربكم".
وقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: "حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا، وزنوها قبل أن توزنوا، فإنّه أهون عليكم في الحساب غداً أن تحاسبوا أنفسكم اليوم، وتزينوا للعرض الأكبر، يومئذٍ تعرضون لا تخفى منكم خافية".
فالمؤمن يحاسب نفسه لأنّه يعلم أنّه سوف يحاسب غداً بين يدي الله عز وجل، والعاصي يمضي قُدماً لا يحاسب نفسه؛ لأنّه غافل عن يوم الحساب، قال النبي صلى الله عليه وسلم: «ما منكم من أحدٍ إلاّ سيكلمه ربّه عز وجلّ، ليس بينه وبينه ترجمان، فينظر أيمن منه فلا يرى إلا ما قدَّم، وينظر أشأم منه فلا يرى إلاّ ما قدَّم، وينظر بين يديه فلا يرى إلاّ النار تلقاء وجهه، فاتقوا النار ولو بشق تمرة» [متفق عليه].
وقد أخبر الله تعالى في كتابه أنّنا سوف نُسأل عن نعيم الدنيا فقال تعالى: {ثُمَّ لَتُسْأَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ} [التكاثر: 8].
سوف يسألنا الله عز وجل عن نعيم الدنيا؛ عن الماء البارد، والطعام الشهي، والمسكن والمركب والملبس؛ ماذا عملنا فيه؟ وكيف وصلنا إليه؟
قال النبي صلى الله عليه وسلم: «لا تزول قدما عبدٍ حتى يُسأل عن أربع: عن عمره فيم أفناه، وعن علمه ما فعل فيه، وعن ماله من أين اكتسبه وفيم أنفقه، وعن جسمه فيم أبلاه» [رواه الترمذي وصححه الألباني].
قال قتادة: "إنّ الله سائل كلّ عبد عما استودعه من نعمه وحقه".
وقال ابن القيم رحمه الله: "والنعيم المسئول عن نوعان: نوع أُخذ من حلّه وصُرف في حقّه، فيسال عن شكره، ونوع أُخذ بغير حلّه وصرف في غير حقّه، فيسأل عن مستخرجه ومصرفه".
فيا أخي الحبيب: أعدّ للسؤال جواباً، وللجواب صدقاً وصواباً، فإنّ الأمر جدُّ خطير، لأنّه متعلق بالمآل والمصير، إمّا نعيم مقيم، وإمّا عذاب أليم.
قال أحد السلف: "لو أن الله توعدني إن أنا عصيته أن يسجنني في الحمام لكان أجدرُ بي أن لا أفتر من عبادة الله عز وجل، فكيف وقد توعدني إن أنا عصيته أن يعذبني في نار جهنم؟!".
طريقة المحاسبة
قال الإمام ابن القيم رحمه الله في طريقة محاسبة النفس: "وجماع ذلك أن يحاسب نفسه أولاً عن الفرائض، فإن تذكَّر فيها نقصاً تداركه، إما بقضاء أو إصلاح.
ثم يحاسبها عن المناهي، فإذا عرف أنّه ارتكب منها شيئاً تداركه بالتوبة والاستغفار والحسنات الماحية.
ثم يحاسب نفسه على الغفلة، فإن كان قد غفل عما خُلق له، تداركه بالذكر والإقبال على الله تعالى.
ثم يحاسبها بما تكلّم به، أو مشت إليه رجلاه، أو بطشت يداه، أو سمعته أذناه: ماذا أردت بهذا؟ ولمن فعلته؟ وعلى أيّ وجه فعلته؟
ويعلم أنّه لابد أن ينشر لكلّ حركة وكلمة ديوانان: ديوان لمن فعلته؟ وكيف لعته؟؛ فالأول سؤال عن الإخلاص، والثاني سؤال عن المتابعة".
من أخبار أهل المحاسبة
أخي الحبيب: ليست محاسبة النفس مقتصرة على نهاية العام، أو نهاية الشهر أو نهاية اليوم، فإنّ الصالحين كانوا يحاسبون أنفسهم عند كلّ عمل من الأعمال أو قول من الاقوال، قال الحسن رحمه الله: "رحم الله عبداً وقف عن همّه، فإن كان لله مضى، وإن كان لغيره تأخَّر..".
وقال الحسن أيضاً في قوله تعالى: {وَلا أُقْسِمُ بِالنَّفْسِ اللَّوَّامَةِ} [القيامة: 2]: "لا تلقى المؤمن إلاّ يعاتب نفسه: ماذا أردت بكلمتي؟ ماذا أردت بأكلتي؟ ماذا أردت بشربتي؟، والعاجز يمضي قدماً لا يعاتب نفسه".
وقال ميمون بن مهران:" لا يكون الرجل تقيّاً حتى يكون لنفسه أشدّ محاسبة من الشريك لشريكه".
وقال إبراهيم التيمي:مثّلتُ نفسي في الجنة آكل من ثمارها، وأشرب من أنهارها، وأعانق أبكارها. ثم مثَّلت نفسي في النار؛ آكلُ من زقومها، وأشرب من صديدها، وأعالج سلاسلها وأغلالها، فقلت لنفسي: أي نفسي!! أي شيء تريدين؟ قالت: أريد أن أُردّ إلى الدنيا فأعمل صالحاً. قلت: فأنت في الأمنية فاعملي".
وكذلك أنت ـ أخي الحبيب ـ لازالت الفرصة أمامك فاغتنمها ولا تضيعها، فإنّ كثيراً غيرك قد حُرموا تلك الفرصة، ووسِّدوا القبور، وجُندلوا في صفائحها، فاشكر الله على تلك المهلة، وتب إليه ممّا مضى، وأحسن العمل فيما بقي، فإنّ الأعمال بالخواتيم، والتوبة تمحو ما كان قبلها من الذنوب، فخُذ نفسك بالجدّ، ودَعْ عنك الكسل والفتور، فقد ذكر محمد بن المنكر أنّ تميماً الداري رضي الله عنه نام ليلة لم يقم يتهجد فيها حتى أصبح، فعاقب نفسه بقيام سنة كاملة للذي صنع.
وكان الأسود بن يزيد مجتهداً في العبادة، يصوم النهار، ويقوم الليل، فقال له علقمة: كم تعذّب هذا الجسد، فقال الأسود: كرامة هذا الجسد أريد.
وانظر ـ أخي ـ كيف كانوا يحادثون أنفسهم، ويكلمونها، ويسمعون منها، وكأنّها أشخاص غيرهم، أو أشباح يحسّون بها ولا يرونها، فقد سمع محمد بن المنكدر زياد بن أبي زياد وهو يخاصم نفسه في المسجد يقول: اجلسي هنا.. أين تريدين؟ أين تذهبين؟ أتخرجين إلى أحسن من هذا المسجد؟ انظري إلى ما فيه.. تريدين أن تبصري دار فلان، ودار فلان، ودار فلان؟.. وكان يقول لنفسه: مالك من الطعام يا نفس إلاّ هذا الخبز والزيت، ومالك من الثياب إلاّ هذان الثوبان ومالك من النّساء إلاّ هذه العجوز، أفتحبين أن تموتي؟ فقالت: أصبر على هذا العيش..
وأعظم من هذا أنّهم كانوا يعاتبون أنفسهم في ساحات القتال وميادين الوغى لئلا تتراجع وتتخاذل أمام بريق السيوف وطعنات الأسنة وضربات الرماح، ففي غزوة مؤتة حينما أصيب جعفر بن أبي طالب رضي الله عنه دعا الناس: "يا عبدالله بن رواحة! يا عبدالله بن رواحة!" وكان في جانب العسكر ومعه ضلع جمل ينهشه، ولم يكن ذاق طعاماً قبل ذلك بثلاث، فحينما سمع النداء رمى بالضلع ثم قال: "وأنت مع الدنيا!! ثم تقدم فقاتل"، فأصيب أصبعه، فارتكز فجعل يقول:
هل أنتِ إلاّ إصبع دميــتِ وفي سبيل الله ألقيــــتِ
يا نفسُ إلا تقتلي تمـوتي هذا حياضُ الموت قد صليتِ
وما تمنيت فقد لقيـــتِ إن تفعلي فعلهما هديـــتِ
وإن تأخرتِ فقد شقيتِ
ثم قال: "يا نفس! إلى أيِّ شيء تتوقين؟ إلى فلانة؟ هي طالق ثلاثاً. وإلى فلان وفلان؟ غلمان له ـ وإلى معجف ـ حائط له ـ فهو لله ولرسوله صلى الله عليه وسلم".
ثم يقول:
يا نفس مالك تكرهين الجنة أقسم بالله لتنــــــزلنه
طائعة أو لتكــــرهنَّهْ فطالما قد كنت مطمئـــنة
هل أنت إلاّ نطفة في شنة قد أجلب الناس وشدوا الرنهْ
ثم قاتل حتى قُتل رضي الله عنه.
فيا أخي الحبيب! دع عنك التسويف والغفلة، وإيّاك إيّاك وطول الأمل، ولا يغرنك الذين عمّروا طويلاً، ولكن انظر كم يموت من الشباب.
قال ابن الجوزي رحمه الله: يجب على من لا يدري متى يبغته الموت أن يكون مستعدّاً، ولا يغتر بالشباب والصحة، فإن أقلَّ من يموت الأشياخ، وأكثر من يموت من الشباب، ولهذا يندر من يكبر، وقد أنشدوا:
يُعَمِّرُ واحد فيغرُّ قوماً ويُنسى من يموت من الشباب!!
كم من الشباب يموتون بالأمراض الفتاكة؟
وكم من الشباب يموتون بسبب الحوادث القاتلة؟
وكم من الشباب يموتون بسبب الإدمان؟
وكم من الشباب يموتون بسبب الحروب والخصومات؟
فعلى الحازم أن يتجهّز للقاء الله، وأن يبادر إلى التوبة والأعمال الصالحة، ولا يفتر من محاسبة نفسه ومعاتبتها في ساعته، في يومه، في شهره، في سنته، حتى يدركه الموت على حالٍ من اليقظة والاستعداد والتأهب.
أخي الحبيب!
تؤمّل في الدنيا قليلاً
ولا تــدري إذا جنَّ ليلٌ هل تعيش إلى الفجر
فكم من صحيح مات من غير علة
وكم من سقيم عاش حيناً من الدهر
نسأل الله تعالى أن يوفقنا للعلم النافع والعمل الصالح، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
الحمد لله أولاً وآخراً، والصلاة والسلام على من جاء بالصدق وصدّق به ظاهراً وباطناً، وعلى آله وصحبه إلى يوم الدين، أمّا بعد:
ما أسرع مرور الأيام، وما أشدّ تعاقب الملوان (الملوان: الليل والنهار)، وما أجرأ الليالي على هدم أعمارنا وانتقاص آجالنا.
بالأمس القريب ودعنا شهر رمضان الذي مضى وكأنّه حلم جميل ما أتى إلاّ وقد آذن بانصرام.. ثم مضى بعده موسم الحج وكأنّه طيف خيال أو عابر سبيل مرَّ مرور الكرام وانصرف.
واليوم نحن في وداع عامٍ كامل من أعمارنا وفي استقبال عام جديد.. سنة كاملة من عمر الإنسان قد تهيأت للرحيل.. ماذا أدينا فيها من أعمال؟!
وماذا قدَّمنا من طاعات؟ وماذا اكتسبنا فيها من أجور وحسنا؟
كم آية من القرآن قرأنا؟
وكم صلاة ركعنا فيها وسجدنا؟
وكم درهم أو دينار أنفقنا وتصدقنا؟
وكم من الأيام صُمنا؟
وكم من المعروف بذلنا؟
كم يتيم مسحنا دمعته؟
وكم مسكين فرَّجنا عنه كربته؟
وكم بائيسٍ فقير سددنا خلّته وقضينا حاجته؟
وكم مجاهدٍ دعونا له ونصرناه؟
وكم آمر بالمعروف ناهٍ عن المنكر شددنا أزره وباركنا خطاه؟
كم معصية ركبنا؟
وكم نظرة خائنة نظرنا؟
وكم رجل أو امرأة اغتبنا؟
وكم من حدود الله انتهكنا؟
وكم من ضعيف ظلمنا؟
وكم من فقير أو مسكين أو يتيم أهملنا؟
وكم من الساعات والأيام غفلنا؟
سنة كاملة أُودع فيها في صحائف الحسنات ما شاء الله أن يُودع.. وسُوّد فيها في صحائف السيئات ما شاء الله أن يُسوّد.. فيا ليت شعري من منَّا المقبولُ فنهنِّيه.. ومن منّا المطرود فنعزّيه..
ووجدوا ما عملوا حاضراً
ولئن كنا قد نسينا ما فعلنا من الحسنات والسيئات.. فإنّ ذلك محفوظ في كتاب قد أحصاه الملكان.. وسطره الكرام الكاتبون.. قال تعالى: {مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ} [ق: 18] أي ما يتكلم ابن آدم بكلمة إلاّ ولها مَنْ يرقبها، مُعَدٌّ لذلك، يكتبها، ولا يترك كلمة ولا حركة، كما قال تعالى: {وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحَافِظِينَ (10) كِرَاماً كَاتِبِينَ (11) يَعْلَمُونَ مَا تَفْعَلُونَ} [الانفطار : 10-12].
وفي يوم القيامة يرى كلّ إنسان عمله ماثلاً أمام عينيه فيعتريه الخوف والهلع، ويُنجّي الله تعالى أهل الإيمان برحمته بعد أن أطاعوه واتبعوا رسوله صلى الله عليه وسلم وعملوا بطاعته واجتنبوا معصيته، ويهلك الكافرين بسبب أعمالهم الخبيثة وأفعالهم الفضيعة كما قال تعالى : {وَتَرَى كُلَّ أُمَّةٍ جَاثِيَةً كُلُّ أُمَّةٍ تُدْعَى إِلَى كِتَابِهَا الْيَوْمَ تُجْزَوْنَ مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (28) هَذَا كِتَابُنَا يَنْطِقُ عَلَيْكُمْ بِالْحَقِّ إِنَّا كُنَّا نَسْتَنْسِخُ مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (29) فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَيُدْخِلُهُمْ رَبُّهُمْ فِي رَحْمَتِهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْمُبِينُ (30) وَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا أَفَلَمْ تَكُنْ آيَاتِي تُتْلَى عَلَيْكُمْ فَاسْتَكْبَرْتُمْ وَكُنْتُمْ قَوْماً مُجْرِمِينَ (31) وَإِذَا قِيلَ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَالسَّاعَةُ لا رَيْبَ فِيهَا قُلْتُمْ مَا نَدْرِي مَا السَّاعَةُ إِنْ نَظُنُّ إِلَّا ظَنَّاً وَمَا نَحْنُ بِمُسْتَيْقِنِينَ (32) وَبَدَا لَهُمْ سَيِّئَاتُ مَا عَمِلُوا وَحَاقَ بِهِمْ مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ (33) وَقِيلَ الْيَوْمَ نَنْسَاكُمْ كَمَا نَسِيتُمْ لِقَاءَ يَوْمِكُمْ هَذَا وَمَأْوَاكُمُ النَّارُ وَمَا لَكُمْ مِنْ نَاصِرِينَ} [الجاثية: 28-34].
وفي هذا اليوم يقف العصاة مذهولين مبهورين ويقولن: {يَا وَيْلَتَنَا مَالِ هَذَا الْكِتَابِ لا يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلا كَبِيرَةً إِلَّا أَحْصَاهَا وَوَجَدُوا مَا عَمِلُوا حَاضِراً وَلا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَداً} [الكهف: 49].
بادر قبل أن يُبادر بك
فيا أخي الحبيب! هل أعددت لهذا اليوم عُدَّته؟ وهل سعيت فيما ينجيك من هوله وكربته؟
وهل حاسبت نفسك على ما بدر منك من أقوال وأعمال؟
وهل اجتهدت في طاعة مولاك ذي الجلال والإكرام؟
أم أنّك في غفلتك سادر.. وفي طريق الغيِّ سائر؟
أَفِقْ أخي قبل أن يحين موعدك فتقول: {رَبِّ ارْجِعُونِ (99) لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحاً فِيمَا تَرَكْتُ} فيقال لك {كَلَّا إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا وَمِنْ وَرَائِهِمْ بَرْزَخٌ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ (100)} [المؤمنون: 99-100].
وانظر أخي إلى الصالحين.. كيف كانوا يعملون؟ كيف كانوا يقولون؟ كيف كانوا يفعلون؟ واحكم على نفسك من خلالهم.. وقل لي: هل عملك ينجيك غداً من عذاب السعير؟ أم أنّك من الذين أساءوا العمل وأخطأوا المسير؟ أم من الذين خلطوا عملاً صالحاً وآخر سيئاً؟ واجه نفسك بهذه الحقيقة ولا تعتمد على رجاء كاذب أو أماني باطلة..
واعلم بأنّ الصالحين قبلك مع ما كانوا عليه من عبادة وطاعة وإحسان عمل، كانوا لا يثقون بأعمالهم، ويخافون من الردّ وعدم القبول..
فهذا نبينا محمد صلى الله عليه وسلم سيد الأولين والآخرين، الذين رفع الله ذكره.. وغفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر.. وبشَّره بالمنزلة العظيمة والمقام الرفيع الذي لا أعظم منه ولا أرفع يوم القيامة.
كان يقوم من الليل حتى تتفطّر قدماه، فلما قيل له: تفعل ذلك وقد غفر لك ربك ما تقدم من ذنبك وما تأخر قال: «أفلا أكون عبداً شكوراً؟». وكان صلى الله عليه وسلم يستغفر الله ويتوب إليه في اليوم الواحد أكثر من مائة مرة..
وهل كان صلى الله عليه وسلم يعصي ربه حتى يستغفره ويتوب إليه في اليوم مائة مرة؟
كلا والله ما كان إلاّ طائعاً، ولكنها المحاسبة الدائمة للنفس، والمراقبة التامة لخطراتها، والتواضع الجم باستغفاره والتوبة إليه وعدم الركون إلى مقام النبوة الرفيع.. قال صلى الله عليه وسلم: «لن يدخل أحد الجنة بعمله». قالوا: ولا أنت يا رسول الله ؟! قال: «ولا أنا إلاّ أن يتغمدني الله برحمة منه وفضل».
فيا أخي الحبيب! إذا كان هذا حال سيد المرسلين فكيف يكون حالي وحالك؟ كيف نفرح ولا ندري ما مصيرنا؟ وكيف نلعب ولا ندري ما مآلنا؟ وكيف نمزح ولا ندري أمن أهل الجنة نحن أم من أهل النار؟ قال تعالى: {وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ فَلا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئاً وَإِنْ كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنَا بِهَا وَكَفَى بِنَا حَاسِبِينَ} [الأنبياء: 47].
وقال تعالى: {يوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ مَا عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُحْضَراً وَمَا عَمِلَتْ مِنْ سُوءٍ تَوَدُّ لَوْ أَنَّ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ أَمَداً بَعِيداً وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ وَاللَّهُ رَؤُوفٌ بِالْعِبَادِ} [آل عمران: 30].
وقال تعالى: {يَوْمَ يَبْعَثُهُمُ اللَّهُ جَمِيعاً فَيُنَبِّئُهُمْ بِمَا عَمِلُوا أَحْصَاهُ اللَّهُ وَنَسُوهُ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ} [المجادلة: 6].
فيحكم الله بين عباده ويحاسبهم على أعمالهم جميعاً، ولا يترك من ذلك شيئاً ولو كان صغيراً، ولا يظلم أحداً من خلقه، بل يعفو ويصفح، ويغفر ويرحم، ويعذّب من يشاء بقدرته وحمته وعدله، ويملأ النار من الكفار وأصحاب المعاصي، ثم ينجي أصحاب المعاصي من المؤمنين فيخرجهم من النار بعد أن يعذَّبوا فيها ما شاء الله، ويخلّد فيها الكافرين، وهو الحاكم الذي لا يجور ولا يظلم..
ثم لتُسألنَّ يومئذ عن النعيم
ولعظيم يوم الجزاء أمر الله عباده بمحاسبة أنفسهم والاستعداد لما أمامهم حتى لا يفجأهم الموت وهم على حالهم من الغفلة والإهمال، فقال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ} [الحشر: 18].
قال الإمام ابن كثير رحمه الله: "أي حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا، وانظروا ماذا ادخرتم لأنفسكم من الأعمال الصالحة ليوم معادكم وعرضكم على ربكم".
وقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: "حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا، وزنوها قبل أن توزنوا، فإنّه أهون عليكم في الحساب غداً أن تحاسبوا أنفسكم اليوم، وتزينوا للعرض الأكبر، يومئذٍ تعرضون لا تخفى منكم خافية".
فالمؤمن يحاسب نفسه لأنّه يعلم أنّه سوف يحاسب غداً بين يدي الله عز وجل، والعاصي يمضي قُدماً لا يحاسب نفسه؛ لأنّه غافل عن يوم الحساب، قال النبي صلى الله عليه وسلم: «ما منكم من أحدٍ إلاّ سيكلمه ربّه عز وجلّ، ليس بينه وبينه ترجمان، فينظر أيمن منه فلا يرى إلا ما قدَّم، وينظر أشأم منه فلا يرى إلاّ ما قدَّم، وينظر بين يديه فلا يرى إلاّ النار تلقاء وجهه، فاتقوا النار ولو بشق تمرة» [متفق عليه].
وقد أخبر الله تعالى في كتابه أنّنا سوف نُسأل عن نعيم الدنيا فقال تعالى: {ثُمَّ لَتُسْأَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ} [التكاثر: 8].
سوف يسألنا الله عز وجل عن نعيم الدنيا؛ عن الماء البارد، والطعام الشهي، والمسكن والمركب والملبس؛ ماذا عملنا فيه؟ وكيف وصلنا إليه؟
قال النبي صلى الله عليه وسلم: «لا تزول قدما عبدٍ حتى يُسأل عن أربع: عن عمره فيم أفناه، وعن علمه ما فعل فيه، وعن ماله من أين اكتسبه وفيم أنفقه، وعن جسمه فيم أبلاه» [رواه الترمذي وصححه الألباني].
قال قتادة: "إنّ الله سائل كلّ عبد عما استودعه من نعمه وحقه".
وقال ابن القيم رحمه الله: "والنعيم المسئول عن نوعان: نوع أُخذ من حلّه وصُرف في حقّه، فيسال عن شكره، ونوع أُخذ بغير حلّه وصرف في غير حقّه، فيسأل عن مستخرجه ومصرفه".
فيا أخي الحبيب: أعدّ للسؤال جواباً، وللجواب صدقاً وصواباً، فإنّ الأمر جدُّ خطير، لأنّه متعلق بالمآل والمصير، إمّا نعيم مقيم، وإمّا عذاب أليم.
قال أحد السلف: "لو أن الله توعدني إن أنا عصيته أن يسجنني في الحمام لكان أجدرُ بي أن لا أفتر من عبادة الله عز وجل، فكيف وقد توعدني إن أنا عصيته أن يعذبني في نار جهنم؟!".
طريقة المحاسبة
قال الإمام ابن القيم رحمه الله في طريقة محاسبة النفس: "وجماع ذلك أن يحاسب نفسه أولاً عن الفرائض، فإن تذكَّر فيها نقصاً تداركه، إما بقضاء أو إصلاح.
ثم يحاسبها عن المناهي، فإذا عرف أنّه ارتكب منها شيئاً تداركه بالتوبة والاستغفار والحسنات الماحية.
ثم يحاسب نفسه على الغفلة، فإن كان قد غفل عما خُلق له، تداركه بالذكر والإقبال على الله تعالى.
ثم يحاسبها بما تكلّم به، أو مشت إليه رجلاه، أو بطشت يداه، أو سمعته أذناه: ماذا أردت بهذا؟ ولمن فعلته؟ وعلى أيّ وجه فعلته؟
ويعلم أنّه لابد أن ينشر لكلّ حركة وكلمة ديوانان: ديوان لمن فعلته؟ وكيف لعته؟؛ فالأول سؤال عن الإخلاص، والثاني سؤال عن المتابعة".
من أخبار أهل المحاسبة
أخي الحبيب: ليست محاسبة النفس مقتصرة على نهاية العام، أو نهاية الشهر أو نهاية اليوم، فإنّ الصالحين كانوا يحاسبون أنفسهم عند كلّ عمل من الأعمال أو قول من الاقوال، قال الحسن رحمه الله: "رحم الله عبداً وقف عن همّه، فإن كان لله مضى، وإن كان لغيره تأخَّر..".
وقال الحسن أيضاً في قوله تعالى: {وَلا أُقْسِمُ بِالنَّفْسِ اللَّوَّامَةِ} [القيامة: 2]: "لا تلقى المؤمن إلاّ يعاتب نفسه: ماذا أردت بكلمتي؟ ماذا أردت بأكلتي؟ ماذا أردت بشربتي؟، والعاجز يمضي قدماً لا يعاتب نفسه".
وقال ميمون بن مهران:" لا يكون الرجل تقيّاً حتى يكون لنفسه أشدّ محاسبة من الشريك لشريكه".
وقال إبراهيم التيمي:مثّلتُ نفسي في الجنة آكل من ثمارها، وأشرب من أنهارها، وأعانق أبكارها. ثم مثَّلت نفسي في النار؛ آكلُ من زقومها، وأشرب من صديدها، وأعالج سلاسلها وأغلالها، فقلت لنفسي: أي نفسي!! أي شيء تريدين؟ قالت: أريد أن أُردّ إلى الدنيا فأعمل صالحاً. قلت: فأنت في الأمنية فاعملي".
وكذلك أنت ـ أخي الحبيب ـ لازالت الفرصة أمامك فاغتنمها ولا تضيعها، فإنّ كثيراً غيرك قد حُرموا تلك الفرصة، ووسِّدوا القبور، وجُندلوا في صفائحها، فاشكر الله على تلك المهلة، وتب إليه ممّا مضى، وأحسن العمل فيما بقي، فإنّ الأعمال بالخواتيم، والتوبة تمحو ما كان قبلها من الذنوب، فخُذ نفسك بالجدّ، ودَعْ عنك الكسل والفتور، فقد ذكر محمد بن المنكر أنّ تميماً الداري رضي الله عنه نام ليلة لم يقم يتهجد فيها حتى أصبح، فعاقب نفسه بقيام سنة كاملة للذي صنع.
وكان الأسود بن يزيد مجتهداً في العبادة، يصوم النهار، ويقوم الليل، فقال له علقمة: كم تعذّب هذا الجسد، فقال الأسود: كرامة هذا الجسد أريد.
وانظر ـ أخي ـ كيف كانوا يحادثون أنفسهم، ويكلمونها، ويسمعون منها، وكأنّها أشخاص غيرهم، أو أشباح يحسّون بها ولا يرونها، فقد سمع محمد بن المنكدر زياد بن أبي زياد وهو يخاصم نفسه في المسجد يقول: اجلسي هنا.. أين تريدين؟ أين تذهبين؟ أتخرجين إلى أحسن من هذا المسجد؟ انظري إلى ما فيه.. تريدين أن تبصري دار فلان، ودار فلان، ودار فلان؟.. وكان يقول لنفسه: مالك من الطعام يا نفس إلاّ هذا الخبز والزيت، ومالك من الثياب إلاّ هذان الثوبان ومالك من النّساء إلاّ هذه العجوز، أفتحبين أن تموتي؟ فقالت: أصبر على هذا العيش..
وأعظم من هذا أنّهم كانوا يعاتبون أنفسهم في ساحات القتال وميادين الوغى لئلا تتراجع وتتخاذل أمام بريق السيوف وطعنات الأسنة وضربات الرماح، ففي غزوة مؤتة حينما أصيب جعفر بن أبي طالب رضي الله عنه دعا الناس: "يا عبدالله بن رواحة! يا عبدالله بن رواحة!" وكان في جانب العسكر ومعه ضلع جمل ينهشه، ولم يكن ذاق طعاماً قبل ذلك بثلاث، فحينما سمع النداء رمى بالضلع ثم قال: "وأنت مع الدنيا!! ثم تقدم فقاتل"، فأصيب أصبعه، فارتكز فجعل يقول:
هل أنتِ إلاّ إصبع دميــتِ وفي سبيل الله ألقيــــتِ
يا نفسُ إلا تقتلي تمـوتي هذا حياضُ الموت قد صليتِ
وما تمنيت فقد لقيـــتِ إن تفعلي فعلهما هديـــتِ
وإن تأخرتِ فقد شقيتِ
ثم قال: "يا نفس! إلى أيِّ شيء تتوقين؟ إلى فلانة؟ هي طالق ثلاثاً. وإلى فلان وفلان؟ غلمان له ـ وإلى معجف ـ حائط له ـ فهو لله ولرسوله صلى الله عليه وسلم".
ثم يقول:
يا نفس مالك تكرهين الجنة أقسم بالله لتنــــــزلنه
طائعة أو لتكــــرهنَّهْ فطالما قد كنت مطمئـــنة
هل أنت إلاّ نطفة في شنة قد أجلب الناس وشدوا الرنهْ
ثم قاتل حتى قُتل رضي الله عنه.
فيا أخي الحبيب! دع عنك التسويف والغفلة، وإيّاك إيّاك وطول الأمل، ولا يغرنك الذين عمّروا طويلاً، ولكن انظر كم يموت من الشباب.
قال ابن الجوزي رحمه الله: يجب على من لا يدري متى يبغته الموت أن يكون مستعدّاً، ولا يغتر بالشباب والصحة، فإن أقلَّ من يموت الأشياخ، وأكثر من يموت من الشباب، ولهذا يندر من يكبر، وقد أنشدوا:
يُعَمِّرُ واحد فيغرُّ قوماً ويُنسى من يموت من الشباب!!
كم من الشباب يموتون بالأمراض الفتاكة؟
وكم من الشباب يموتون بسبب الحوادث القاتلة؟
وكم من الشباب يموتون بسبب الإدمان؟
وكم من الشباب يموتون بسبب الحروب والخصومات؟
فعلى الحازم أن يتجهّز للقاء الله، وأن يبادر إلى التوبة والأعمال الصالحة، ولا يفتر من محاسبة نفسه ومعاتبتها في ساعته، في يومه، في شهره، في سنته، حتى يدركه الموت على حالٍ من اليقظة والاستعداد والتأهب.
أخي الحبيب!
تؤمّل في الدنيا قليلاً
ولا تــدري إذا جنَّ ليلٌ هل تعيش إلى الفجر
فكم من صحيح مات من غير علة
وكم من سقيم عاش حيناً من الدهر
نسأل الله تعالى أن يوفقنا للعلم النافع والعمل الصالح، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
الخميس 17 أغسطس 2017, 13:24 من طرف الخبرة الحديثة للتدريب
» دورات ودبلومات الأمن والسلامة المهنية والدفاع المدني
الخميس 17 أغسطس 2017, 13:14 من طرف الخبرة الحديثة للتدريب
» إدارة المخاطر - سلسلة التوريد
الخميس 17 أغسطس 2017, 13:01 من طرف الخبرة الحديثة للتدريب
» دوره القيادة الشاملة لفرق الازمات وادارة الاتصالات تحت الطوارئ والضغوط
الخميس 17 أغسطس 2017, 12:55 من طرف الخبرة الحديثة للتدريب
» دورات الموازنات والتخطيط المالي // الدورة المتكاملة لاعداد الموازنات
الخميس 17 أغسطس 2017, 12:39 من طرف الخبرة الحديثة للتدريب
» دورات ادارة الازمات المالية Financial Crisis Management ودبلومات المحاسبة المالية والادارية
الخميس 17 أغسطس 2017, 12:19 من طرف الخبرة الحديثة للتدريب
» الرؤية الابداعية والتمييز في صنع القرار - دورات الادارة والقيادة للربع المتبقي من 2017
الخميس 17 أغسطس 2017, 12:10 من طرف الخبرة الحديثة للتدريب
» دورات تكنولوجيا المعلومات IT
الخميس 17 أغسطس 2017, 12:03 من طرف الخبرة الحديثة للتدريب
» الدورات التدريبية والدبلومات في ادارة الجودة والانتاج في مصر وتركيا ودبي وماليزيا ولندن
الخميس 17 أغسطس 2017, 11:57 من طرف الخبرة الحديثة للتدريب
» المكتب التنفيذى مجلس وزراء العمل ومجلس وزراء الشئون الاجتماعية-بدول مجلس التعاون لدول الخليج يعقد ا
الأحد 02 أكتوبر 2016, 19:36 من طرف محمد أحمد سويلم
» دوره مهارات تدقيق وضبط مخاطر الاحتياجات المالي ( بروتيك لحلول التدريب والاستشارات )
السبت 16 يوليو 2016, 10:38 من طرف هبه الشاذلي
» دوره إدارة العلاقات العامة الدولية برؤي معاصرة ( بروتيك لحلول التدريب والاستشارات )
الخميس 14 يوليو 2016, 09:37 من طرف هبه الشاذلي
» دوره مهارات وفنون التسويق والترويج عبر الهاتف ( بروتيك لحلول التدريب والاستشارات )
الإثنين 27 يونيو 2016, 01:37 من طرف هبه الشاذلي
» دوره برنامج الاداء الراقي المتميز للخدمة في المطارات ( بروتيك لحلول التدريب والاستشارات )
الإثنين 16 مايو 2016, 13:24 من طرف هبه الشاذلي
» دوره الامان الصناعي والسلامة المهنية وهندسة البيئة ( بروتيك لحلول التدريب والاستشارات )
الأربعاء 11 مايو 2016, 18:15 من طرف هبه الشاذلي
» دوره التنمية الذاتية والمهنية للعاملين في النظام الصحي وجودة الخدمة ( بروتيك لحلول التدريب
الأربعاء 11 مايو 2016, 09:09 من طرف هبه الشاذلي
» دوره برنامج اساسيات المحاسبة والتحليل المالي لغير المحاسبين ( بروتيك لحلول التدريب والاستشارات )
الإثنين 09 مايو 2016, 09:12 من طرف هبه الشاذلي
» دوره الاتجاهات الحديثه في ادارة مكاتب السكرتارية ( بروتيك لحلول التدريب والاستشارات )
الأحد 01 مايو 2016, 00:32 من طرف هبه الشاذلي
» دورة الأمان الصناعى والسلامة المهنية وهندسة البيئة(بروتيك)
الجمعة 01 يناير 2016, 19:48 من طرف هبه الشاذلي
» دورة المعايير العالمية في بحوث التسويق للاستحواذ علي الأسواق ( بروتيك للتدريب )
الخميس 31 ديسمبر 2015, 15:53 من طرف ادم ومازن
» دورة المخزون السلعى الراكد وعلاج مشكلاته والمهارات الأساسية لجرد المخزون(بروتيك)
الأربعاء 30 ديسمبر 2015, 14:12 من طرف هبه الشاذلي
» دورة تأهيل المستشار القانوني وإدارات الشؤون القانونية(بروتيك)
الإثنين 28 ديسمبر 2015, 13:44 من طرف هبه الشاذلي
» دورة تأهيل المستشار القانوني وإدارات الشؤون القانونية(بروتيك)
الإثنين 28 ديسمبر 2015, 13:42 من طرف هبه الشاذلي
» دورات الهندسة لعـام 2016 م(بروتيك)
السبت 26 ديسمبر 2015, 14:23 من طرف هبه الشاذلي
» دورة الإستراتيجيات المتقدمة والتميز في تطوير المسارات الوظيفية والتنمية الذاتية(بروتيك)
الخميس 24 ديسمبر 2015, 22:45 من طرف هبه الشاذلي
» دورات تقنية المعلومات لعـام 2016 م (بروتيك)
الإثنين 21 ديسمبر 2015, 13:49 من طرف هبه الشاذلي
» دورات الإعلام والعلاقات العامة لعـام 2016 م (بروتيك)
السبت 19 ديسمبر 2015, 18:59 من طرف هبه الشاذلي
» دورة تطلبيقات الجودة الشاملة فى المختبرات التعليمية ( بروتيك للتدريب )
السبت 19 ديسمبر 2015, 14:58 من طرف ادم ومازن
» دورة المهارات السلوكية لرجل البيع المحترف بمراكز بيع خدمات الإتصالات ( بروتيك للتدريب )
الخميس 17 ديسمبر 2015, 16:09 من طرف ادم ومازن
» دورة إدارة العقــود والأوامـر التغيريـة والمطالبات العقـدية والتحكيم بشأنها(بروتيك)
الأربعاء 16 ديسمبر 2015, 20:13 من طرف هبه الشاذلي
» دورة برنامج المنظومة المتكاملة للتخطيط الإستراتيجى وتطوير تقييم الأداء الإداري(بروتيك)
الإثنين 14 ديسمبر 2015, 15:43 من طرف هبه الشاذلي
» دورة الإستراتيجيات الحديثة في إدارة نظم مواجهة الكوارث والحرائق(بروتيك)
السبت 12 ديسمبر 2015, 14:24 من طرف هبه الشاذلي
» دورة التخطيـط والمتـابعـة الإداريــة مــن منظـور استـراتيجــي (بروتيك)
الخميس 10 ديسمبر 2015, 13:51 من طرف هبه الشاذلي
» دورة المعايير الرقابية الحكومية للعمليات المالية وإعداد التقارير ( بروتيك للتدريب )
الخميس 10 ديسمبر 2015, 09:37 من طرف ادم ومازن
» دورة المجالس التأديبية والتحقيق مع الموظفين في المؤسسات الحكومية(بروتيك)
الأربعاء 09 ديسمبر 2015, 20:54 من طرف هبه الشاذلي
» دورة توظيف العلاقات العامة لدعم العمليات الإدارية ، وأسس العلاقات العامة الالكترونية ( بروتيك)
الأحد 06 ديسمبر 2015, 21:40 من طرف هبه الشاذلي
» دورة هندسة وتقييم النظم المعلوماتية في المؤسسات ( بروتيك للتدريب )
السبت 05 ديسمبر 2015, 08:39 من طرف ادم ومازن
» دورة أساليب إدارة العلاقات العامة في تحسين الصورة الذهنية للمؤسسات (بروتيك)
الثلاثاء 01 ديسمبر 2015, 16:25 من طرف هبه الشاذلي
» دورة الرقابة على تنفيذ الأنظمة واللوائح القانونية ( بروتيك للتدريب )
الإثنين 30 نوفمبر 2015, 09:06 من طرف ادم ومازن
» دورة التوجهات المعاصرة فى إدارة وتنفيذ أنشطة المشتريات والمخازن واللوجستيات والخدمات اللوجستية
الأحد 29 نوفمبر 2015, 20:25 من طرف هبه الشاذلي
» دورة إدارة الاتصال الفعَّال والابتكاري للسكرتارية التنفيذية ومدراء المكاتب والمساعد الإداري
السبت 28 نوفمبر 2015, 18:32 من طرف هبه الشاذلي
» دورة برنامج إدارة المخاطر المالية فى القطاع النفطى (بروتيك)
الجمعة 27 نوفمبر 2015, 13:08 من طرف هبه الشاذلي
» دورة برنامج البريمافيرا الحل المتكامل لإدارة المشروعات (بروتيك )
الأربعاء 25 نوفمبر 2015, 20:15 من طرف هبه الشاذلي
» دورة إستراتيجية السوق الازرق " اكتسح السوق واترك المنافسين خارج الملعب "
الأربعاء 25 نوفمبر 2015, 16:34 من طرف هبه الشاذلي
» دورة التميز فى المشتريات , العطاءات , إختيار الموردين والتفاوض الشرائى
الإثنين 23 نوفمبر 2015, 23:06 من طرف هبه الشاذلي
» دورة برنامج الإبداع الإداري في التنظيم والتخطيط والتنسيق (بروتيك)
الأحد 22 نوفمبر 2015, 14:20 من طرف هبه الشاذلي
» دورة الإدارة الإستراتيجية للبرامج التسويقية (بروتيك)
السبت 21 نوفمبر 2015, 14:21 من طرف هبه الشاذلي
» دورة إدارة المطالبات والمنازعات فى مشروعات التشييد (بروتيك)
الجمعة 20 نوفمبر 2015, 12:45 من طرف هبه الشاذلي
» دورة التسويات الجردية والأخطاء المحاسبية ومعالجتها ( بروتيك )
الأربعاء 18 نوفمبر 2015, 16:48 من طرف هبه الشاذلي
» دورة برنامج إدارة المستودعات والمشتريات وخفض الكلفة ومعالجة المخزون الراكد
الأربعاء 18 نوفمبر 2015, 16:27 من طرف هبه الشاذلي
» دورة إعداد الهياكل التنظيمية والوظيفية والبشرية على ضوء وصف وتوصيف وتحليل وظائف المنظمة
الإثنين 16 نوفمبر 2015, 15:40 من طرف هبه الشاذلي
» دورة تقييم التأثيرات البيئية للمشروعات والأنشطة التنموية (بروتيك)
الأحد 15 نوفمبر 2015, 15:42 من طرف هبه الشاذلي
» دورة إعداد البحوث التسويقية وصناعة القرار التسويقي (بروتيك)
السبت 14 نوفمبر 2015, 22:31 من طرف هبه الشاذلي
» دورة برنامج ميكنة وحفظ الملفات والمستندات (الأرشفة الإلكترونية الحديثة)
الخميس 12 نوفمبر 2015, 20:52 من طرف هبه الشاذلي
» دورة الأمن والسلامة فى المختبرات ( بروتيك للتدريب )
الخميس 12 نوفمبر 2015, 08:17 من طرف ادم ومازن
» دورة السلامة البيئية في المنشآت الصناعية والبترولية (بروتيك)
الأربعاء 11 نوفمبر 2015, 21:24 من طرف هبه الشاذلي
» دورة برنامج الإتجاهات الحديثة في إدارة المخازن والمشتريات والشراء الإلكتروني
الإثنين 09 نوفمبر 2015, 20:35 من طرف هبه الشاذلي
» دورة الإستراتيجيات التدريبية وإعداد خطط التدريب (بروتيك للتدريب)
الأحد 08 نوفمبر 2015, 12:49 من طرف هبه الشاذلي
» دورة أهمية القانون الإداري في أعمال الادارة العامة ( بروتيك للتدريب )
الأحد 08 نوفمبر 2015, 10:52 من طرف ادم ومازن
» دورة التخطيط الإستراتيجي لإدارة مرحلة ما بعد التسويق ( بروتيك للتدريب )
السبت 07 نوفمبر 2015, 19:06 من طرف ادم ومازن
» دورة إستخدام المصادر المجانية المتاحة على شبكة الإنترنت في تقديم خدمات المعلومات (بروتيك)
السبت 07 نوفمبر 2015, 16:29 من طرف هبه الشاذلي
» دورة تصميم شبكات وهوائيات الإتصال ( بروتيك للتدريب )
السبت 07 نوفمبر 2015, 09:44 من طرف ادم ومازن
» دورة الملامح الرئيسية لتأمين المنشآت الحيوية ( بروتيك للتدريب )
السبت 07 نوفمبر 2015, 08:04 من طرف ادم ومازن
» دورة برنامج التقنيات المتقدمة فى صياغة وإعداد التقارير الإدارية والفنية ( بروتيك للتدريب )
الخميس 05 نوفمبر 2015, 17:44 من طرف ادم ومازن
» دورة برنامج مهارات التسويق والبيع لغير المتخصصين (بروتيك)
الخميس 05 نوفمبر 2015, 17:03 من طرف هبه الشاذلي
» دورة التخطيط الإستراتيجى للمخزون ... والإدارة المالية للمستودعات إلكترونياً ( بروتيك للتدريب )
الأربعاء 04 نوفمبر 2015, 20:59 من طرف ادم ومازن
» دورة الأمان الصناعى والسلامة المهنية وهندسة البيئة (بروتيك)
السبت 31 أكتوبر 2015, 12:28 من طرف هبه الشاذلي
» دورة أعمال الفهرسة والأرشفة الرقمية وإدارة المستندات بإستخدام التقنيات الحديثة EDMS
الخميس 29 أكتوبر 2015, 16:40 من طرف هبه الشاذلي
» دورة إدارة مكاتب الزعماء والقادة وكبار المسؤولين التنفيذيين ( بروتيك للتدريب )
الأربعاء 28 أكتوبر 2015, 15:12 من طرف ادم ومازن
» دورة تنميــة الأداء المعرفى للموظفين وتطـوير أداء الموارد البشريــة (بروتيك)
الأربعاء 28 أكتوبر 2015, 13:17 من طرف هبه الشاذلي
» دورة حوكمة الشركات لوضع معايير الأداء المالي والإستثماري (بروتيك)
الثلاثاء 27 أكتوبر 2015, 13:09 من طرف هبه الشاذلي
» دورة برنامج توصيف وتقيم الوظائف وأساليب تخطيط المسار الوظيفى ( بروتيك للتدريب )
الثلاثاء 27 أكتوبر 2015, 09:47 من طرف ادم ومازن
» دورة تكنولوجيا مراجعة وتقييم أداء العاملين في بيئة التشغيل الإلكترونية ( بروتيك للتدريب )
الإثنين 26 أكتوبر 2015, 18:06 من طرف ادم ومازن
» دورة تنمية مهارات التعامل مع الشخصيات الصعبة والمتنوعة والتعامل مع الآخرين
الإثنين 26 أكتوبر 2015, 14:08 من طرف هبه الشاذلي
» دورة الأساليب الحديثة لتنشيط المبيعات والتسويق (بروتيك)
الأحد 25 أكتوبر 2015, 11:55 من طرف هبه الشاذلي
» دورة الأساليب الحديثة والتقنيات المتميزة في فن التعامل و جودة التنسيق بين مختلف الإدارات
الخميس 22 أكتوبر 2015, 13:00 من طرف هبه الشاذلي
» دورة برنامج الأساليب المتقدمة في مراقبة وإدارة المخازن (بروتيك)
الثلاثاء 20 أكتوبر 2015, 11:08 من طرف هبه الشاذلي
» دورة إدارة المخاطر وحوكمة الشركات (بروتيك)
الإثنين 19 أكتوبر 2015, 13:29 من طرف هبه الشاذلي
» دورة اليات الكشف عن السرقات والإختلاسات واليات الوقاية والتأمين الفعال (بروتيك)
الأحد 18 أكتوبر 2015, 12:11 من طرف هبه الشاذلي
» دورة برنامج إستراتيجيات الأداء الإعلامي الفعال (بروتيك)
السبت 17 أكتوبر 2015, 14:42 من طرف هبه الشاذلي
» دورةفن التعامل مع ضغوط العمل وتحليل المشكلات وإتخاذ القرارات(بروتيك)
الجمعة 16 أكتوبر 2015, 16:56 من طرف هبه الشاذلي
» دورة الإتجاهات الحديثة في التدقيق الداخلي والرقابة الداخلية ( بروتيك للتدريب )
الخميس 15 أكتوبر 2015, 13:48 من طرف ادم ومازن
» دورة المدخل الإبتكاري لتقييم الإحتياجات التدريبية وتخطيط المسار التدريبي لتعزيز وتحقيق الأهداف في ال
الأربعاء 14 أكتوبر 2015, 13:40 من طرف هبه الشاذلي
» دورة برنامج الإدارة الحديثة للمشتريات وفن التفاوض مع الموردين (بروتيك)
الثلاثاء 13 أكتوبر 2015, 13:06 من طرف هبه الشاذلي
» دورة مهارات الإستقبال والتعامل مع الجمهور (بروتيك)
الإثنين 12 أكتوبر 2015, 20:14 من طرف هبه الشاذلي
» دورة القرصنة المعلوماتية المشروعة"تأمين الانظمة في المؤسسات"(بروتيك)
الأحد 11 أكتوبر 2015, 12:56 من طرف هبه الشاذلي
» دورة إستراتجيات التسويق في ظل الركود والأزمات الاقتصادية ( بروتيك للتدريب )
الأحد 11 أكتوبر 2015, 10:41 من طرف ادم ومازن
» دورة الإتجاهات الحديثة لشؤون الموظفين والتطويرالوظيفي (بروتيك)
السبت 10 أكتوبر 2015, 20:13 من طرف هبه الشاذلي
» دورة برنامج التقنيات الحديثة فى أعمال كشف جرائم التهرب الجمركي (بروتيك)
الجمعة 09 أكتوبر 2015, 14:27 من طرف هبه الشاذلي
» دورة تحقيق الريادة والتمييز الإداري في الدوائر والاجهزة الحكومية (بروتيك)
الأربعاء 07 أكتوبر 2015, 13:13 من طرف هبه الشاذلي
» دورة مراجعة التصميمات الإنشائية للمبانى والجسور ( بروتيك للتدريب )
الأربعاء 07 أكتوبر 2015, 12:46 من طرف ادم ومازن
» دورة تطوير أساليب العمـل وتطبيقاتها وفق معايير التميز المؤسسى (بروتيك)
الثلاثاء 06 أكتوبر 2015, 13:14 من طرف هبه الشاذلي
» دورة صيغ التمويل الإسلامي ومخاطرها الفنية (بروتيك)
الإثنين 05 أكتوبر 2015, 16:40 من طرف هبه الشاذلي
» دورة تحسين معامل القدرة وتخفيض فاقد الطاقة الكهربائية ( بروتيك للتدريب )
الإثنين 05 أكتوبر 2015, 13:10 من طرف ادم ومازن
» دورة تصميم وتطوير نظم التكاليف في الجهات الحكومية ( بروتيك للتدريب )
الإثنين 05 أكتوبر 2015, 10:54 من طرف ادم ومازن
» دورة برنامج تدعيم وتفعيل مهارات التفكير الابداعى وفن صنع القرار الادارى (بروتيك)
الأحد 04 أكتوبر 2015, 20:47 من طرف هبه الشاذلي
» دورة إعداد وتخطيط برامج العلاقات العامة ( بروتيك للتدريب )
السبت 03 أكتوبر 2015, 23:34 من طرف ادم ومازن
» دورات القـانـون لشـهـر أكتـوبـر 2015 م (بروتيك)
الأربعاء 30 سبتمبر 2015, 14:21 من طرف هبه الشاذلي
» دورة مؤكدة المهـارات الإبـداعيـة للـوظـائـف الإشـرافيـة وشـاغلـي الـوظـائـف الـوسطـى (بر
الثلاثاء 29 سبتمبر 2015, 13:11 من طرف هبه الشاذلي